قسمين: تأييد مباشر من الله من غير توسط أسباب معلومة، وتأييد معتمد على أسباب معتادة معلومة.
ثم أبان الله تعالى كيفية تأييده بالمؤمنين وتوحيد صفوفهم، فقال:
{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ..}. أي إنه تعالى جعلهم أمة واحدة متآلفة، متعاونة في مناصرتك، بعد ما كان بينهم من العداوة والبغضاء إثر منازعات وحروب طويلة في الجاهلية، كما كان الحال بين الأوس والخزرج من الأنصار، ثم أزال الله كل تلك الخلافات بنور الإيمان، كما قال تعالى:{وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ، فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً، وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ، فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها..}. [آل عمران ١٠٣/ ٣].
ولو أنفقت جميع ما في الأرض من أموال، ما استطعت تأليف قلوبهم، وجمع كلمتهم، ولكن الله بهدايتهم للإيمان، وتوحيدهم على صراط مستقيم سوي، أمكنه بقدرته وحكمته التأليف بينهم.
وهذا دليل واضح على أن من أهم أسباب النصر هو التآلف واتحاد الكلمة.
ولم يقتصر التأليف على تسوية المنازعات الجاهلية القديمة، وإنما شمل تسوية المنازعات الجديدة التي حدثت بعد الإسلام، كما وقع من خلاف بين المهاجرين والأنصار، حين قسمة الغنائم في حنين، جاء
في الصحيحين أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، لما خطب الأنصار في شأن غنائم حنين قال لهم: «يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلاّلا، فهداكم الله بي، وعالة (١) فأغناكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي» كلما قال شيئا، قالوا: الله ورسوله أمنّ.
ولهذا قال تعالى:{وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ، إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} أي إنه تعالى