فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بقول أبي بكر، ففاداهم فنزل:{لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ} فقال رسول الله: إن كاد ليمسّنا في خلاف ابن الخطاب عذاب عظيم، ولو نزل العذاب ما أفلت إلا عمر».
فهذه الروايات تدل بالاتفاق على أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أخذ برأي أبي بكر، وقبل الفداء من أسرى بدر، وتذكر الرواية الثانية والرابعة أن القرآن نزل تشريعه موافقا لرأي عمر، وتنفرد الرواية الثانية عند الترمذي أن نزول الآية كان بسبب أخذ الغنائم قبل أن تحل لهم.
وفي رواية خامسة عند ابن أبي شيبة والترمذي وابن مردويه والبيهقي عن الأعمش عن ابن مسعود توضيح أكثر، يجعل الآراء ثلاثة، قال: لما كان يوم بدر وجيء بالأسرى، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله، قومك وأصلك استبقهم واستأن بهم لعل الله عز وجل يتوب عليهم. وقال عمر: كذبوك وأخرجوك، فقدمهم فاضرب أعناقهم. وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله، انظر واديا كثير الحطب، فأدخلهم فيه، ثم أضرم عليهم نارا، فقال العباس: قطعت رحمك، فسكت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ولم يجبهم.
ثم دخل، فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر، وقال ناس: يأخذ بقول عمر، وقال ناس: يأخذ بقول عبد الله، ثم خرج عليهم فقال: إن الله عز وجل ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله عز وجل ليشدّد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة. وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم قال:{فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي، وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[إبراهيم ٣٦/ ١٤] وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ، فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[المائدة ١١٨/ ٥]. وإن مثلك يا عمر كمثل موسى قال: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ،