الدين، لهم مالكم، وعليهم ما عليكم. ووصفهم بالإخوة دليل على أن أخوة الدين أعلى وأخلد وأقوى من أخوة النسب. واستحقوا هذا الوصف بالأمور الثلاثة المتقدمة المتلازمة مع بعضها: وهي التوبة عن الكفر ونقض العهد، والإنابة إلى الله والإيمان به، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة.
{وَنُفَصِّلُ الْآياتِ}، أي نبين الأدلة والبراهين على وجودنا الحق، {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} ما نبين لهم، فيفهمون ويتفقهون. وهذا اعتراض قصد به الحث على تأمل ما فصّل من أحكام المعاهدين، وعلى المحافظة عليها.
والثاني-القتال بعد نقضهم العهود: أي إن نقض هؤلاء المشركون ما أبرم معهم من عهود، وطعنوا في دينكم، أي عابوا القرآن والنبي صلّى الله عليه وآله وسلم، واستهزءوا بالمؤمنين، كما كان يفعل شعراؤهم وزعماء الكفر فيهم، فهم أئمة الكفر وقادته ورؤساؤه، فقاتلوهم قتالا عنيفا، إنهم لا عهود لهم ولا ذمة؛ لأنهم لما لم يفوا بها صارت كأن لم تكن، وذلك لتكون المقاتلة سببا في انتهائهم ورجوعهم عما هم فيه من الكفر والعناد والضلال. وهذا من غاية كرم الله وفضله على الإنسان.
فقوله:{لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} أي عن كفرهم وباطلهم وإيذائهم المسلمين.
قال قتادة: أئمة الكفر كأبي جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف وآخرين.
وليس المراد بالآية هنا هؤلاء؛ لأنها لما نزلت، كان هؤلاء قد قتلوا في بدر.
وخصّ الأئمة والسادة منهم بالذكر؛ لأنهم هم الذين يحرضون الأتباع على الأعمال الباطلة.
وفيه دليل على أن الذمي إذا طعن في الإسلام، فقد نكث عهده، وعلى أن القتال ليس بقصد المنافع الدنيوية أو الغنائم، أو إظهار الاستعلاء، وحب السيطرة، وإرادة الانتقام، وإنما هو من أجل التمكين من قبول دعوة الإسلام؛ وما الحرب إلا ضرورة يقتصر فيها على قدر الضرورة.