للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو داود عن علي رضي الله عنه: «ليس في أقل من مائتي درهم زكاة، وليس في أقل من عشرين دينارا زكاة» ويراعى كمال النصاب عند آخر الحول؛ لاتفاق العلماء على أن الربح في حكم الأصل، فيه الزكاة.

والصحيح ما نقل عن جماعة من الصحابة السابق ذكرهم: أن ما أدّي زكاته فليس بكنز، وكل ما لم تؤد زكاته فهو كنز. ولا يصح ما نقل عن علي رضي الله عنه:

أربعة آلاف فما دونها نفقة، وما كثر فهو كنز وإن أدّيت زكاته، فهو خبر غريب.

وأما ما نقل عن أبي ذرّ: «الكنز: ما فضل عن الحاجة» فهو رأي خاص به، ومن شدائده، ومما انفرد به رضي الله عنه، ويحتمل أن يكون ذلك في وقت شدة الحاجة، ولم يكن في بيت المال ما يكفي المحتاجين، ولا يجوز ادّخار الذهب والفضة في مثل تلك الحال.

وأما زكاة الحلي فلم يوجبها الجمهور؛ لأنها غير مقصودة للنّماء لكن بشرط‍ عدم قصد الكنز، وعدم تجاوز القدر المعتاد بين الناس وهو الوسط‍ الذي لا إسراف فيه، كأن يكون دون الكيلوغرام، كما ذكر الشافعية. وأوجبها أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي عملا بعموم الألفاظ‍ في إيجاب الزكاة في النقدين (الذهب والفضة) ولم يفرّق بين حليّ وغيره. قال الرازي: وهو الصحيح عندنا، لظاهر الآية: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ..} ..

وأما الحكم الثالث: وهو تعذيب الكانز بعذاب أليم،

فقد فسر النبي صلّى الله عليه وآله وسلم هذا العذاب- فيما يرويه مسلم-بقوله: «بشّر الكنّازين بكيّ في ظهورهم يخرج من جنوبهم، وبكيّ من قبل أقفائهم يخرج من جباههم».

ثم إن ظاهر الآية تعليق الوعيد بمن كنز، ولم ينفق في سبيل الله، وهذا أي عدم الإنفاق هو الغالب عرفا، فلذلك خص الوعيد به، أما الصحيح فهو أنه لا بد من توافر صفة الكنز واعتبارها: وهو المال الذي لم تؤدّ زكاته، كما تبين، فمن

<<  <  ج: ص:  >  >>