للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الغرض، ألا ترى أن القوم إنما اختاروا القعود لئلا يقعوا في الفتنة، فالله تعالى بين أنهم في عين الفتنة واقعون ساقطون.

٣ - المنافقون حصب جهنم وهم لها واردون، وهي تحيط‍ بهم إحاطة شاملة، لا يفلت من حرها أحد منهم يوم القيامة. وقد عبر قوله تعالى عن ذلك:

{وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ} وأفاد التعبير أنهم كانوا في أشد الخوف على أنفسهم وأموالهم وأولادهم بسبب تزايد دولة الإسلام واستعلائها وامتدادها، والخوف الشديد مع الجهل الشديد أعظم العقوبات الروحانية، كما قال الرازي (١).

٤ - هناك نوع آخر من كيد المنافقين وخبث بواطنهم، وهو إساءتهم إن أصاب المؤمنين في بعض المعارك حسنة كظفر أو غنيمة، وفرحهم إن أصاب المؤمنين سيئة من نكبة وشدة ومصيبة ومكروه، ثم قولهم: قد أخذنا أمرنا الذي نحن مشهورون به، وهو الحذر والتيقظ‍ والعمل بالحزم، من قبل وقوع ما وقع، ثم توليهم عن مقام التحدث بذلك إلى أهاليهم، وهم فرحون مسرورون.

٥ - كان الرد الحاسم الأول على كل تلك المكائد: أنه لن يصيب الإنسان خير ولا شر، ولا خوف ولا رجاء، ولا شدة ولا رخاء، إلا وهو مقدر عليه مكتوب عند الله، معلوم لله، مقضي به عند الله تعالى.

وهذا دليل في رأي أهل السنة على أن قضاء الله شامل لكل المحدثات، وأن تغير الشيء عما قضي الله به محال.

ويؤكد مضمون الآية

قوله صلّى الله عليه وآله وسلم: «من علم سر الله في القدر، هانت عليه المصائب».


(١) تفسير الرازي: ٨٤/ ١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>