وقد كان التعاون بين المسلمين والمسلمات قائما في الميادين والمواقف الحاسمة كلها كالهجرة والجهاد، مع اعتصام الرجال بالعفة وغض البصر، واعتصام النساء بالأدب الجم والحياء والتعفف وغض البصر والاحتشام في الحديث واللباس والعمل. فقد كان للمرأة دور بارز في إنجاح الهجرة كأسماء ذات النطاقين، وكانت النسوة في المعارك والحروب مع الأعداء يسقين الماء، ويجهزن الطعام، ويحرضن على القتال، ويرددن المنهزم من الرجال، ويواسين الجرحى، ويعالجن المرضى.
وقوله في أهل الإيمان:{بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ} في مقابلة قوله في المنافقين: بعضهم من بعض؛ لأن المؤمنين إخوة تسودهم المحبة والمودة والتعاون والتعاطف، وأما المنافقون فلا رابطة قوية بينهم ولا عقيدة تجمعهم، وإنما هم أتباع بعضهم بعضا في الشكوك والجبن والبخل والانهزام والتردد؛ لأن قلوبهم مختلفة.
وقد ذكر الله تعالى هنا للمؤمنين أوصافا خمسة غير الولاية مع بعضهم يتميز بها المؤمن عن المنافق، وهي في قوله:{يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ، وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ، وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ}.
فالمؤمنون يأمرون بالمعروف، والمنافقون يأمرون بالمنكر كما في الآية المتقدمة.
والمؤمنون ينهون عن المنكر، والمنافقون ينهون عن المعروف كما تقدم.
والمؤمنون يقيمون الصلاة على أكمل وجه وفي خشوع لله، والمنافقون لا يقومون إلى الصلاة إلا وهم كسالى، يراءون الناس.
والمؤمنون يؤتون الزكاة المفروضة عليهم مع التطوع بالصدقات، والمنافقون يبخلون ويقبضون أيديهم عن الإنفاق في سبيل الله، كما في الآية السابقة.