في منى سنة إحدى عشرة من البعثة، وكانوا سبعة، ثم أصحاب بيعة العقبة الثانية، وكانوا سبعين رجلا وامرأتين.
والثالثة: التابعون للأولين بإحسان: أي بالإيمان والطاعة إلى يوم القيامة.
وهؤلاء جميعا رضي الله عنهم بقبول طاعتهم وارتضاء أعمالهم، ورضوا عنه بما أسبغ عليهم من نعمه الدينية والدنيوية، فانقذهم من الشرك والضلال، ووفقهم إلى الخير، وهداهم إلى الحق، وأعزهم وأغناهم، وأعز بهم الإسلام، وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها أبدا، وذلك هو الفوز العظيم الذي لا فوز غيره، وهو فوز شامل، كما أن نعيم الجنة شامل للبدن والروح معا.
ويلاحظ أن الاتباع المطلوب هو الاتباع بإحسان، أي إحسان الأعمال والنيات والظواهر والبواطن، أما الاكتفاء بظاهر الإسلام فلا يحقق شرط الإحسان. وحينئذ ينطبق عليهم قوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ}[آل عمران ١١٠/ ٣] وقوله عز وجل: {وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}[البقرة ١٤٣/ ٢].
ثم أخبر الله تعالى عن فئة المنافقين حول المدينة وفيها، فقال:{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ..}. أي إن في المدينة وما حولها مردة المنافقين الذين مرنوا على النفاق وأتقنوه، وثبتوا واستمروا فيه ولم يتوبوا، وهم مزينة وجهينة وأشجع وأسلم وغفار، الذين كانت منازلهم حول المدينة، وكان جماعة منهم آخرون في المدينة من الأوس والخزرج، لا تعلمهم أو لا تعرفهم بأعيانهم أيها النبي، ولا تعلم عاقبة أمورهم، وإنما نحن نختص بعلمها وبمعرفتهم، كما قال تعالى فيهم:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ. وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ، وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ}[محمد ٢٩/ ٤٧ - ٣٠].
وقوله {وَمِمَّنْ} يشير إلى بعضهم، أما الآخرون فهم مؤمنون بدليل