يتبعوهم بإحسان في العمل: وهو أن يقتدوا بهم في أعمالهم الحسنة، ولا يقتدوا بهم في غير ذلك.
٣ - الرضا عن التابعين والثواب إلى يوم القيامة مشروط باتباع الصحابة بإحسان، أي إحسان القول والعمل، فمن لم يحسن القول في المهاجرين والأنصار لا يكون مستحقا للرضوان من الله تعالى، ولا يكون من أهل الثواب لهذا السبب.
٤ - هناك قوم منافقون مردوا على النفاق، أي ثبتوا واستمروا فيه ولم يتوبوا عنه، وهم قوم من الأعراب حول المدينة، يعني مزينة وجهينة وأسلم وغفار وأشجع، وقوم من أهل المدينة أيضا. وهؤلاء لهم عذاب مضاعف: في الدنيا بالأمراض والمصائب، وفي الآخرة بالإصلاء (الإلقاء) في نار جهنم. وقيل:
بالفضيحة في الدنيا، ثم عذاب القبر. وقيل بغير ذلك. والأولى في رأي الرازي حمل قوله تعالى:{سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} على عذاب الدنيا بجميع أقسامه، وعذاب القبر، وأما قوله:{ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ} يراد منه العذاب في يوم القيامة.
٥ - ومن أهل المدينة ومن حولها قوم أقروا بذنبهم، وآخرون مرجون لأمر الله، يحكم فيهم بما يريد. والصنف الأول: إما قوم من المنافقين، تابوا عن النفاق وما مردوا عليه، أو إنهم قوم من المسلمين تخلفوا عن غزوة تبوك، لا للكفر والنفاق، لكن للكسل، ثم ندموا على ما فعلوا ثم تابوا.
ومجرد الاعتراف بالذنب لا يكون توبة وإنما هو مقدمة للتوبة، فإذا اقترن به الندم على الماضي، والعزم على تركه في المستقبل، كان ذلك توبة.
وقد تاب هؤلاء؛ لقوله تعالى:{عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} والمفسرون قالوا: إن (عسى) من الله يدل على الوجوب.