للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن آية: {خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ} عامة في أصناف الأموال، لم تبين نوع المال المأخوذ منه ولا مقدار المأخوذ، فيقتضي الظاهر أن يؤخذ من كل صنف بعضه؛ لأن {مِنْ أَمْوالِهِمْ} تقتضي التبعيض، فدلت الآية على أن القدر المأخوذ بعض تلك الأموال، لا كلها، لكن البعض غير مذكور هنا صراحة في اللفظ‍، فجاءت السنة والإجماع لبيان مقدار المأخوذ والمأخوذ منه، ومقادير الأنصبة ووقت الاستحقاق، ويكون لفظ‍ الزكاة مجملا في هذه الوجوه كلها، مفتقرا إلى البيان فيما ذكر كما قال الجصاص. وقد نص القرآن على زكاة الذهب والفضة بقوله تعالى:

{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ، فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ} [التوبة ٣٤/ ٩] ونص أيضا على زكاة الزروع والثمار في قوله سبحانه:

{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنّاتٍ مَعْرُوشاتٍ} إلى قوله: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ، وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ} [الأنعام ١٤١/ ٦] وأوضحت السنة زكاة سائر الأموال الأخرى التي تجب فيها الزكاة، وهي عروض التجارة، والأنعام السائمة (الإبل والبقر والغنم) وبينت مقاديرها وأنصبتها

روى الأئمة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة، وليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة» (١).

وأجمع العلماء على أن الأوقية أربعون درهما؛ فإذا ملك الحر المسلم مائتي درهم من الفضة، وهي الخمس الأواق المنصوصة في الحديث، حولا كاملا، فقد وجبت عليه صدقتها، وذلك ربع عشرها خمسة دراهم.

وإنما اشترط‍ الحول

لما أخرجه الترمذي من قوله صلى الله عليه وسلّم: «ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول. وما زاد على المائتي درهم من الفضة فبحساب ذلك في كل شيء منه ربع عشره، قل أو كثر.


(١) الخمسة أوسق ٦٥٣ كغ، والورق: الفضة، والذود من الإبل: ما بين الثلاث إلى العشرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>