أي قل أيها الرسول: هو الله الذي يهدي إلى الحق بما أوجد من الأدلة والحجج، وأرسل من الرسل، وأنزل من الكتب، ومنح الإنسان مفاتيح العلم والمعرفة والإيمان بالعقل والحواس.
ومن هو أحق باتباع قوله وطاعة أمره؟ أهو الذي يقدر على الهداية إلى الحق والرشد والإيمان، أم الذي لا يهتدي بنفسه إلا أن يهديه غيره، وهو الله تعالى؟ وهذا يشمل جميع الشركاء من ملائكة وغيرهم كالمسيح وعزير {فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} أي فما بالكم وأي شيء دهاكم، كيف سوّيتم بين الله وبين خلقه، وحكمتم بجواز عبادة غير الله وشفاعتهم؟ وهذا تعجب شديد من حكمهم الجائر بالمساواة بين عبادة الله تعالى وعبادة شركائهم العاجزة عن كل شيء.
ثم بين الله تعالى أنهم لا يتبعون في اعتقادهم هذا وشركهم وعبادتهم غير الله دليلا ولا برهانا، وإنما يتبع جميعهم نوعا من الظن الضعيف وهو التوهم والتخيل، وذلك لا يغني عنهم شيئا، لأن الظن الخائب لا يغني شيئا من الإغناء فيما يطلب فيه الحق الثابت، أي العلم والاعتقاد الصواب.
إن الله عليم بأفعالهم، فيجازيهم على كل فعل منها، كتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلّم، مع قيام الأدلة القطعية على صدقه، وتقليد الآباء والأجداد بدون حجة أو دليل. وهذا تهديد لهم ووعيد شديد؛ لأنه تعالى أخبر أنه سيجازيهم على ذلك أتم الجزاء.
والخلاصة: أن مجموعات، الآيات السابقة اشتملت على حجج ثلاث للاستدلال على وجود الله تعالى: الأولى-أنه الرازق الموجد السمع والبصر خالق الموت والحياة، والثانية-أنه خالق الإنسان والسموات والأرض وما بينهما، والثالثة-