للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريدون أن يعملوه معه. وموقف قومه كان موقف الهيّاب الضعيف المتخاذل المتردد الذي لم يستطع اتخاذ قرار حاسم في شأن نوح، الذي كانت هيبة الإيمان تحميه وتعصمه من مكائدهم وشرورهم.

٣ - كلمات نوح مع أولئك الكفار: كانت كلمات نوح مكونة من جملة شرط‍ وجزاء. أما الشرط‍ ففيه أمران: الأول- {إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي} أي ثقل وشق بسبب مكثه فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، وبسبب ما ألفه الكفار من مذاهب فاسدة وعقائد ومناهج باطلة، والغالب أن من ألف طريقة في الدين يثقل عليه تغييرها.

والأمر الثاني- {تَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ} لأن من شغف بلذات الدنيا كان شديد النفرة من الأمر بالطاعات والنهي عن المعاصي والمنكرات.

وأما الجزاء على الشرط‍ ففيه أمور خمسة:

الأول- {فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ} أي إن شدة بغضكم لي التي تحملكم على إيذائي تجعلني لا أقابل ذلك الشر إلا بالتوكل على الله، وهذا منه توكل على الله في دفع شر هذه الساعة، إن كان متوكلا أبدا على الله تعالى.

الثاني- {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ} أي اعزموا على الأمر الذي تريدون إيقاعه بي، وابذلوا جهودكم في الكيد لي والمكر بي، مع شركائكم الأوثان التي تسمونها آلهة، وفي هذا تحد شديد لمخططاتهم ومكائدهم.

الثالث- {ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً} أي ليكن أمركم ظاهرا منكشفا تتمكنون فيه مما شئتم، وفي هذا استعداد لمواجهة قراراتهم بصراحة وجرأة، وصرامة وصبر.

الرابع- {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ} أي امضوا إلى بمكروهكم وما توعدونني به، وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>