لا يمتحنهم بأن يعذّبوا على أيديهم، وأن ينجيهم ويخلّصهم من الكافرين، أي من فرعون وقومه؛ لأنهم كانوا يأخذونهم بالأعمال الشاقة.
٣ - اتّخاذ البيوت في فترة ما مساجد، حتى لا يؤذي فرعون المصلّين؛ لأن بني إسرائيل كانوا لا يصلّون إلا في مساجدهم وكنائسهم، فخرّبها فرعون ومنعهم من الصّلاة، فأوحى الله إلى موسى وهارون: أن اتّخذا وتخيّرا لبني إسرائيل بيوتا بمصر، أي مساجد متّجهة نحو القبلة، ولم يرد في رأي أكثر المفسّرين المنازل المسكونة، وإنما أراد الاتّجاه إلى بيت المقدس.
وهذا يدلّ على أن القبلة في الصّلاة كانت شرعا لموسى عليه السّلام.
واستنبط العلماء من جواز أداء الصّلاة في البيوت: أن المعذور بالخوف وغيره يجوز له ترك الجماعة والجمعة، والعذر الذي يبيح له ذلك كالمرض المانع من التّنقل، أو خوف زيادته، أو خوف جور السّلطان في مال أو بدن، دون القضاء عليه بحقّ. والمطر الوابل مع الوحل عذر إن لم ينقطع، ومن له ولي حميم قد حضرته الوفاة ولم يكن عنده من يمرّضه عذر أيضا، وقد فعل ذلك ابن عمر.
وأثير بهذه المناسبة خلاف في أداء صلاة التراويح (قيام رمضان) هل إيقاعه في البيت أفضل أو في المسجد؟ فذهب مالك وأبو يوسف وبعض الشّافعية إلى أنه في البيت أفضل لمن قوي عليه،
لما أخرجه البخاري:«فعليكم بالصّلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة».
وقال أكثر الأئمة: إن حضورها في الجماعة أفضل؛
لأن النّبي صلى الله عليه وسلّم قد صلاّها في الجماعة في المسجد، ثم أخبر بالمانع الذي منع منه على الدّوام على ذلك، وهو خشية أن تفرض عليهم، فلذلك قال:«فعليكم بالصّلاة في بيوتكم». ثم إن الصحابة كانوا يصلّونها في المسجد فرادى متفرّقين، إلى أن جمعهم عمر على قارئ واحد، فاستقرّ الأمر على ذلك، وثبت سنّة.