القصور والقبور والتّماثيل الدّالة على رقي المدنية والحضارة.
فقوله تعالى:{لِيُضِلُّوا} اللام لام العاقبة أو الصّيرورة، كقوله تعالى:
{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً}[القصص ٨/ ٢٨]، فكانت عاقبة قوم فرعون هو الضلال. ويحتمل أن تكون اللام لام التعليل، لكن بحسب ظاهر الأمر لا في الحقيقة نفسها، بمعنى أنه تعالى لما أعطاهم هذه الأموال، وصارت تلك الأموال سببا لمزيد البغي والكفر، أشبهت هذه الحالة حالة من أعطي المال لأجل الإضلال، فورد هذا الكلام بلفظ التعليل لأجل هذا المعنى.
{رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ.}. أي ربّنا أمحق وأزل آثارها وأهلكها، واختم على قلوبهم وأقسها حتى لا تنشرح للإيمان، فيستحقوا شديد العقاب، ولا يؤمنوا حتى يشاهدوا العذاب المؤلم الموجع.
ولما دعا موسى بهذا الدّعاء وكان هارون أخوه يؤمّن على دعائه، قال تعالى:
{قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما} أي استجبنا دعاءكما وقبلناه كما سألتما من تدمير آل فرعون، فاستقيما، أي فاثبتا على ما أنتما عليه من الدّعوة إلى الحقّ، وإلزام الحجة، ولا تستعجلا الأمر قبل ميقاته، فإن ما طلبتما كائن ولكن في وقته، ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون، أي طريق الجهلة في الاستعجال أو عدم الوثوق والاطمئنان بوعد الله تعالى. ولا يعني هذا النّهي أن مقتضاه صدر من موسى وهارون عليهما السّلام، كما أنّ قوله تعالى:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزّمر ٦٥/ ٣٩] لا يدلّ على صدور الشّرك منه.
قال ابن جريج: يقولون: إن فرعون مكث بعد هذه الدّعوة أربعين سنة.