والإيمان والطاعة، وسلوك طريق الهدى الموصلة إلى الله عز وجل، ويحولون بينهم وبين الجنة، {وَيَبْغُونَها عِوَجاً} أي ويعدلون بالناس عن سبيل الله إلى المعاصي والشرك، فهم يريدون أن يكون طريقهم عوجا غير معتدلة، والحال أنهم كافرون بالآخرة أي جاحدون بها مكذبون، وأعاد لفظ {هُمْ} تأكيدا.
{أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ..}. إن أولئك الظالمين الصادين عن سبيل الله لا يعجزون ربهم أن يعاقبهم بالدمار والخسف كما فعل بغيرهم، بل هم تحت قهره وسلطانه، وهو قادر على الانتقام منهم في الدنيا قبل الآخرة، وليس لهم أنصار ينصرونهم من دون الله تعالى، ويحجبون عنهم العذاب، ويضاعف لهم العقاب بسبب إضلالهم غيرهم، كما ضلوا بأنفسهم، وكانوا صمّا عن سماع الحق، عميا عن اتباعه.
ونظير الآية قوله تعالى:{إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ}[إبراهيم ٤٢/ ١٤] وقوله سبحانه: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ، زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ}[النحل ٨٨/ ١٦] وقوله صلى الله عليه وسلّم في الصحيحين: «إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته».
وعلة مضاعفة العذاب هي:{ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ} أي لم يستمعوا إلى القرآن سماع تدبر واتعاظ، ولم يبصروا طريق الحق والخير وينظروا إلى آيات القرآن وآيات الكون، الدالة على صدق الوحي، كما قال تعالى:{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا: لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ، وَالْغَوْا فِيهِ، لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}[فصلت ٢٦/ ٤١] وقال: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ}[الأنعام ٢٦/ ٦].
فليس المراد نفي السمع والبصر، بل المقصود أنهم وإن كانوا يسمعون ويبصرون في الظاهر، إلا أنهم ما استخدموا هاتين الحاستين استخداما صحيحا في