آخذه منكم، وإنما أجري على الله عز وجل. وهذا قول تكرر صدوره من جميع الأنبياء بعد نوح، مثل هود وصالح وشعيب ومحمد عليهم السلام.
{وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا.}. أي ليس من شأني طرد المؤمنين وتنحيتهم من مجلسي.
ويظهر من هذا أن أكابر الكفار كانوا يبغون تخصيصهم ببعض المزايا والامتيازات، كتخصيص مجلس خاص بهم، لا يلتقون فيه مع الضعفاء والفقراء، أنفة منهم وكبرا وترفعا، كما حدث تماما بين النبي محمد صلى الله عليه وسلّم وبين قومه قريش، فقال تعالى:{وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ، يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}[الأنعام ٥٢/ ٦].
{إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ} إن هؤلاء الأتباع سيلقون ربهم وسيحاسبهم على أعمالهم، كما يحاسبكم، ويعاقب من طردهم، ولكني أراكم قوما تجهلون الحقائق وتترددون في ظلمات الجهل في استرذالكم لهم، وسؤالكم طردهم، فإن تفضيل الناس بعضهم على بعض إنما هو بالعمل الطيب والخلق الفاضل، لا بالثروة والمال والجاه كما تزعمون.
{وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي..}. أي يا قوم من ينصرني من عذاب الله إن طردتهم، فذلك ظلم عظيم، كما قال تعالى:{فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظّالِمِينَ}[الأنعام ٥٢/ ٦] أفلا تذكّرون، أي أفلا تتعظون وتتفكرون فيما تقولون؟! {وَلا أَقُولُ لَكُمْ.}. أي لا تعني النبوة والرسالة أني أملك خزائن رزق الله تعالى، وأقدر على التصرف فيها، وإنما أنا بشر كغيري من الناس مؤيد بالمعجزات، أدعو إلى عبادة الله بإذنه، ولا أعلم من الغيب إلا ما أطلعني الله عليه، ولست ملكا من الملائكة، ولا أستطيع القول لهؤلاء الذين تحتقرونهم وتزدرونهم: لن ينالهم خير، وليس لهم ثواب على أعمالهم، وهو ما وعدهم الله به