عليكم مطرا كثيرا متتابعا، وقد كانوا بأشد الحاجة إلى المطر بعد أن منعوه؛ لأنهم أصحاب زروع وبساتين، ويزدكم قوة إلى قوتكم بالأموال والأولاد، وعزا إلى عزكم، وقد كانوا أشداء أقوياء يهمهم التفوق والغلبة على الناس، والاعتزاز بالقوة، كما قال تعالى:{وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ، وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً، فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الأعراف ٦٩/ ٧] وقال سبحانه:
{وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} ولا تعرضوا عني وعن دعوتي وعما أرغبكم فيه، مصرّين على إجرامكم وآثامكم.
وفائدة الاستغفار المذكورة في الآية، لها ما يؤيدها في السنة النبوية، ففي الحديث الذي أخرجه أبو داود وابن ماجه عن ابن عباس:«من لزم الاستغفار، جعل الله له من كل همّ فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب».
وبعد أن حكى تعالى ما ذكره هود لقومه، حكى ما ذكره القوم له:
{قالُوا: يا هُودُ.}. أي قالوا لنبيهم: ما جئتنا بحجة وبرهان على ما تدعيه أنك رسول من عند الله، ولن نترك عبادة آلهتنا بمجرد قولك: اتركوهم، وما نحن لك بمصدقين، وما نظن إلا أن بعض آلهتنا أصابك بجنون وخبل في عقلك بسبب شتمك لها ونهيك عن عبادتها وعيبك لها.
فكان جوابهم متضمنا أربعة أشياء كلها عناد وحماقة واستكبار، وهي المطالبة بالبينة؛ والإصرار على عبادة الآلهة، مع أنهم كانوا يعترفون بأن النافع والضار هو الله تعالى، وأن الأصنام لا تنفع ولا تضر؛ وعدم التصديق برسالة هود مما يدل