{قالَ: يا قَوْمِ، هؤُلاءِ.}. قال لوط: يا قوم، هؤلاء البنات فتزوّجوهنّ، والمراد بنات القوم ونساؤهم؛ فإن النّبي للأمّة بمنزلة الوالد، كما قال ابن عباس، فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم في الدّنيا والآخرة، كما قال لهم في الآية الأخرى:{أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ، وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ، بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ}[الشّعراء ١٦٥/ ٢٦ - ١٦٦]، قال مجاهد وقتادة وغير واحد: لم يكنّ بناته، ولكن كنّ من أمته، وكلّ نبي أبو أمته. وقال ابن جريج: أمرهم أن يتزوّجوا النّساء، لم يعرض عليهم سفاحا. وقال سعيد بن جبير: يعني نساءهم هنّ بناته، وهو أب لهم.
{فَاتَّقُوا اللهَ.}. أي فاخشوا الله، وأقبلوا ما آمركم به من الاقتصار على نسائكم، ولا تفضحوني أو لا تخجلوني في ضيوفي، فإن إهانتهم إهانة لي.
أليس منكم رجل فيه رشد وحكمة وعقل وخير يقبل ما آمر به ويترك ما أنهى عنه، ويهديكم إلى الطريق الأقوم.
قالوا: لقد علمت سابقا ألا حاجة لنا في النّساء ولا نشتهيهنّ، فلا فائدة فيما تقول، وليس لنا غرض إلا في الذّكور، وأنت تعلم ذلك منا، فأي فائدة في تكرار القول علينا في ذلك؟ والمراد أنهم صمموا على ما يريدون.
قال لوط لقومه متوعّدا: لو كان لدي قوة تقاتل معي، أو عشيرة تؤازرني وتنصرني عليكم، وتدفع الشّرّ عني، لكنت قاتلتكم وحلت بينكم وبين ما تريدون.
وبعد هذه المخاوف من الفضيحة التي أقلقت لوطا على ضيفانه، بشرته الملائكة بنجاته منهم وهلاكهم بالعذاب:{قالُوا: يا لُوطُ، إِنّا رُسُلُ رَبِّكَ.}.
أي قالت الملائكة للوط: إنا رسل ربّك أرسلنا لنجاتك من شرّهم، وإهلاكهم، لن يصلوا بسوء إليك ولا إلى ضيوفك، وحينئذ طمس الله أعينهم، فلم يعودوا