للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - إن الكريم الشّهم الأبي هو الذي يحافظ‍ على كرامة ضيوفه، لذا قال لوط‍: {فَاتَّقُوا اللهَ، وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي} أي لا تهينوني ولا تذلّوني.

ثم وبّخهم بقوله: {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ؟} أي شديد يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، أو ذو رشد، أو راشد أو مرشد أي صالح أو مصلح. والرّشد والرّشاد: الهدي والاستقامة.

٥ - من ألف الفساد والفحش بعد عن الصّلاح والطّهر، لذا قال قوم لوط‍:

{لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ} أي ليس لنا إلى بناتك رغبة ولا هنّ نقصد، ولا لنا عادة نطلب ذلك، فإن نكاح الإناث أمر خارج عن مذهبنا أو طريقنا الذي نحن عليه، ولا حاجة لنا بالبنات، أو لأنك لا ترى مناكحتنا، وما هو إلا عرض لا جدّية فيه، فقوله: {مِنْ حَقٍّ} أي مالنا في بناتك من حاجة ولا شهوة.

ثم أعلنوا عن شهوتهم فقالوا: {وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ} إشارة إلى الأضياف، والرّغبة في إتيان الذّكور، وما لهم فيه من الشّهوة.

٦ - لم يجد لوط‍ عليه السّلام سبيلا للرّدع والإرهاب إلا التّهديد وإظهار الغضب والضّجر من موقف قومه، واستمرارهم في غيّهم، وضعفه عنهم وعجزه عن دفعهم، فتمنى لو وجد عونا على ردّهم، وقال على جهة التّفجع والاستكانة:

{لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} أي أنصارا وأعوانا، لرددت أهل الفساد، وحلت بينهم وبين ما يريدون، أو لو أجد ملجأ ألجأ وأنضوي إليه من قبيلة أو عشيرة تؤازرني ضدّ البغي والبغاة، والظّلم والظّالمين، والفسق والفاسقين. وهو دليل على أن لوطا كان في غاية القلق والحزن بسبب إقدام أولئك الأوباش على ما يوجب الفضيحة في حقّ أضيافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>