وأنهاكم عنه، ورزقني من لدنه رزقا طيبا من النبوة والحكمة، أو رزقا حسنا حلالا طيبا من غير بخس ولا تطفيف، أخبروني إن كنت على يقين من ربي، وكنت نبيا على الحقيقة، أيصح لي ألا آمركم بترك عبادة الأوثان، والكف عن المعاصي، والأنبياء لا يبعثون إلا لذلك، فجواب الكلام محذوف.
{وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ} أي لا أنهاكم عن الشيء، وأخالف أنا في السر، فأفعله خفية عنكم، والمراد لم أكن أنهاكم عن أمر وأرتكبه، بل أنا متمسك به.
ثم أكد مهمته:{إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْإِصْلاحَ..}. أي ما أريد إلا أن أصلحكم بموعظتي ونصيحتي، وأمري بالمعروف، ونهي عن المنكر، مدة استطاعتي للإصلاح، لا آلو جهدا في ذلك. وفيه إيماء إلى إثبات عقله ورشده، وإبطال تهكمكم.
وما توفيقي في إصابة الحق فيما أريده إلا بالله وهدايته وعونه، عليه توكلت في جميع أموري، ومنها تبليغ رسالتي، وإليه أنيب أي أرجع. وهذا يعني ثباته على المبدأ والدعوة، دون أن يخشى منهم سوءا.
ويا قوم، لا يحملنكم خلافي معكم، ولا تحملنكم عداوتي وبغضي على الإصرار على ما أنتم عليه من الكفر والفساد، فيصيبكم ما أصاب غيركم وأمثالكم من العذاب والنقمة، مثل ما أصاب قوم نوح من الغرق، أو قوم هود من الريح الصرصر العاتية، أو قوم صالح من الرجفة.
وما حدث بقوم لوط من العذاب ليس ببعيد زمانا ولا مكانا، فإن لم تعتبروا بمن قبلهم، فاعتبروا بهم.
{وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ.}. أي اطلبوا المغفرة من ربكم على سالف الذنوب من