للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - الاستباق مباح في السهام أو الرمي، وعلى الفرس، وعلى الأقدام؛ والغرض من المسابقة على الأقدام تدريب النفس على العدو؛ لما له من فائدة في قتال الأعداء، ومطاردة الذئاب. قال ابن العربي: إن المسابقة شرعة في الشريعة، وخصلة بديعة، وعون على الحرب، وقد فعلها النبي صلى الله عليه وسلّم بنفسه وبخيله؛

فروي أنه سابق عائشة فسبقها، فلما كبر رسول الله صلى الله عليه وسلّم سابقها فسبقته، فقال لها: هذه بتلك (١). وتسابق النبي أيضا مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فسبقهما.

وسابق سلمة بن الأكوع-فيما رواه مسلم-رجلا لما رجعوا من «ذي قرد» إلى المدينة، فسبقه سلمة.

وروى مالك عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم سابق بين الخيل التي قد أضمرت (٢)، وسابق بين الخيل التي لم تضمّر، وأن عبد الله بن عمر كان ممن سابق بها.

وكذلك المسابقة بالنّصال والإبل،

أخرج النسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لا سبق (٣) إلا في نصل أو خفّ أو حافر».

وروى البخاري عن أنس قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلّم ناقة تسمى العضباء، لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فشقّ ذلك على المسلمين حتى عرفه؛ فقال: «حق على الله ألا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه».

وأجمع المسلمون على أن السّبق على وجه الرهان المباح الآتي بيانه لا يجوز إلا في الخف والحافر والنصل. قال الشافعي: ما عدا هذه الثلاثة فالسّبق فيها قمار.

وقد زاد أبو البختري القاضي في الحديث السابق: «أو جناح» لإرضاء الرشيد،


(١) أحكام القرآن: ١٠٦٣/ ٣ وما بعدها.
(٢) تضمير الخيل: هو علف الخيل حتى تسمن، ثم لا تعلف إلا قوتا لتخف.
(٣) السبق: ما يجعل للسابق على سبقه من المال، أي لا يحل أخذ المال بالمسابقة إلا في هذه الثلاثة. والسّبق بالسكون: مصدر. والصحيح رواية الفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>