ثم أورد الله تعالى أدلة وحدانيته وقدرته ورحمته في هذا الكون بالذات، فأبان أنه خالق السموات وما فيها من عوالم وأفلاك من غير عمد من تحتها ولا علائق من فوقها، بديعة الجمال، دقيقة النظام، كل ما فيها يجري لأجل مسمى في مداره، محكمة التناسب فيما بينها عن طريق ما يسمى بالجاذبية، نجومها وقمرها للإنارة وتقدير حساب الشهور، وشمسها للإضاءة وإمداد الحيوان والنّبات بالحرارة، قال الله تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً، وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ}[يونس ٥/ ١٠]، {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ..}. [الأنعام ٩٧/ ٦].
وخالق الأرض الذي جعلها وسطا صالحا للعيش الهادئ المطمئن، وملأها بالكنوز والمنافع المختلفة، وسخرها لخير الإنسان، وأوجد فيها الجماد والمعادن والأنهار والحيوان والنّبات، وجعل لكل مخلوق غاية وحكمة، ولم يخلق ما فيها عبثا، ويسر لكل شيء فيها وسائل الحياة والرزق والدوام والبقاء مدة العيش قال الله تعالى:{وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ}[الذاريات ٢٠/ ٥١].
وكل من خلق السموات والأرضين عدا ما فيه من عظمة وقدرة وبهاء، مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية بالناس جميعا.
ومن أجل إتمام النعمة وإسباغ الرحمة على الإنسان، وتيسير سبل العيش الكريم والراحة والسكينة، أوجد الله تعالى تعاقب الليل والنهار وخالف بينهما في الفصول الأربعة بسبب خطوط الطول والعرض بالطول والقصر، والحرارة والبرودة، وبحسب اختلاف الأقطار والبلدان، كما جاء في آيات كثيرة منها: