للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستعيذوا بالله من شرها» ويلاحظ‍ أن الرياح تستعمل في الخير، والريح في العذاب،

كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول إذا هبت الريح: «اللهم اجعلها رياحا، ولا تجعلها ريحا» لأن ريح العذاب شديدة ملتئمة الأجزاء، كأنها جسم واحد، وريح الرحمة ليّنة متقطعة.

وآية السحاب: تجمعه وتحريكه من مكان إلى آخر وثبوته بين السماء والأرض من غير عمد ولا علائق، يشبه الجبال، ويدهش لرؤيته من يراه من ركاب الطائرة عند ما تحلق فوقه. قال كعب الأحبار: السحاب غربال المطر، لولا السحاب حين ينزل الماء من السماء، لأفسد ما يقع عليه من الأرض.

والخلاصة: أن قوله تعالى: {وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ.}. لتقرير مبدأ الوحدانية، وإثبات الرحمة والرأفة بالمخلوقات، وأما ما ذكر بعدئذ فهو لإقامة الأدلة الواضحة على الوحدانية والقدرة والرحمة. ولم يقتصر الله تعالى في ذكر وحدانيته على مجرد الإخبار، حتى قرن ذلك بالنظر والاعتبار في آي القرآن، فقال لنبيه: {قُلِ: اُنْظُرُوا ماذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} [يونس ١٠١/ ١٠] والخطاب للكفار، لقوله تعالى: {وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ} [يونس ١٠١/ ١٠] وقال: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف ١٨٥/ ٧] والملكوت: الآيات. وقال: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات ٢١/ ٥١] والمعنى: أو لم ينظروا في ذلك نظر تفكر وتدبر، حتى يستدلوا بكونها محلا للحوادث والتغييرات على أنها محدثات، وأن المحدث لا يستغني عن صانع يصنعه، وأن ذلك الصانع حكيم عالم قدير مريد سميع بصير متكلم، لأنه لو لم يكن بهذه الصفات، لكن الإنسان أكمل منه، وذلك محال.

<<  <  ج: ص:  >  >>