ابن جرير، بأنّها كانت حيّة، أو أبوه وخالته؛ لأن أمه قد ماتت، فتزوّج أبوه خالته.
وقال لأسرته جميعا: ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين على أنفسكم وأموالكم وأهليكم، لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون.
ورفع أبويه على سرير ملكه بأن أجلسهما معه، تكريما لهما، وسجد له الإخوة الأحد عشر والأبوان سجود تحيّة وإكرام له، لا سجود عبادة وتقديس، وكان سجود الانحناء هو تحيّة الملوك والعظماء في زمنهم.
ويلاحظ أن في الآية حذفا في مطلعها تقديره: فجاء يعقوب وأسرته حتى وصلوا إلى مصر، وفيها تقديم المشيئة {إِنْ شاءَ اللهُ} على قوله: {آمِنِينَ} لأن القصد اصطحاب الدّخول بالأمان والسّلامة والغنيمة، وكذلك فيها تقديم وتأخير بين الرّفع على العرش وبين السّجود، فالسّجود متقدّم على الرّفع على السّرير الملكي، لكن قدّم الرّفع، اهتماما بتعظيم أبويه.
وحينئذ أعادت الذّاكرة إلى ذهن يوسف عليه السّلام رؤياه السابقة في عهد الصّغر، فقال لما رأى سجود أبويه وإخوته: يا أبت، هذا السّجود تأويل رؤياي القديمة حال صغري، وهي:{إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ} وتأويل رؤياي: ما آل إليه الأمر.
إن تلك الرؤيا أصبحت حقيقة واقعة وصحيحة صدقا، فإن رؤيا الأنبياء حقّ ثابت، كما أن رؤيا إبراهيم ذبح ولده، صار سببا لوجوب ذلك الذّبح عليه في اليقظة، فكذلك صارت هذه الرؤيا التي رآها يوسف عليه السّلام، وحكاها ليعقوب من قبل، سببا لوجوب ذلك السّجود.
وقد أحسن الله تعالى إليّ وأفاض عليّ من نعمه، إذ أطلق سراحي من