ويتبرأ العابدون أيضا من معبوديهم، ويتمنون الرجوع إلى الدنيا حتى يعملوا صالحا ويتبرءوا من الآلهة المزعومة. بل إنهم يطلبون من الله مضاعفة العذاب لهم كما قال الله تعالى:{يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النّارِ يَقُولُونَ: يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا. وَقالُوا: رَبَّنا إِنّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا، فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا}.
وهم في هذا التمني كاذبون، بل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه، وإنهم لكاذبون، كما أخبر الله تعالى عنهم.
ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين من كلا الفريقين: العابدين والمعبودين، ويظهر الله لهم أعمالهم الفاسدة التي ارتكبوها، فوجبت لهم النار، وقال ابن مسعود والسّدّي:«الأعمال الصالحة التي تركوها، ففاتتهم الجنة».
وأضيفت هذه الأعمال إليهم من حيث إنهم مأمورون بها. وأما إضافة الأعمال الفاسدة إليهم فمن حيث عملوها.
وقوله:{وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النّارِ} دليل على خلود الكفار فيها، وأنهم لا يخرجون منها، كقوله تعالى:{وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ}[الأعراف ٤٠/ ٧].