وهذا وعيد شديد وتهديد لكلّ كافر ماكر، وتسلية للنّبي صلّى الله عليه وسلّم وأمان له من مكرهم.
{وَسَيَعْلَمُ الْكُفّارُ.}. أي وسيتحقق الكفار يوم القيامة لمن العاقبة المحمودة من الفريقين: المؤمنين والكافرين، حيث تكون العاقبة لأتباع الرّسل في الدّنيا والآخرة، ففي الدّنيا النّصر، وفي الآخرة الجنّة.
ثمّ ردّ الله على منكري نبوّة النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال تعالى:{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا.}. أي يقول الكافرون الجاحدون نبوّتك: لست رسولا مرسلا من عند الله، تدعو النّاس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وتنقذهم من الظّلمات إلى النّور، ومن عبادة الأصنام والأوثان، إلى عبادة الله الواحد الأحد، ومن الظّلم والفساد إلى العدل والصّلاح.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسقف من اليمن، فقال له عليه الصّلاة والسّلام:«هل تجدون في الإنجيل رسولا؟»، قال: لا، فأنزل الله تعالى:{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا:}
{لَسْتَ مُرْسَلاً} الآية.
{قُلْ: كَفى بِاللهِ.}. قل يا محمد لهم: حسبي وكفايتي أن الله شاهد لي بصدق رسالتي، ومؤيّد دعوتي، بما أنزله عليّ من القرآن المعجز، ومن الآيات البيّنات الدّالّة على صدقي، كما قال تعالى:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً}[الفتح ٢٨/ ٤٨].
وكفاني أيضا بعد شهادة الله شهادة علماء أهل الكتاب الذين آمنوا من اليهود والنّصارى، بما وجدوه لديهم في التّوراة والإنجيل من بشارة برسالتي، وعلامات لا تنطبق على من سواي، وهم عبد الله بن سلام-اليهودي الأصل-وأصحابه.
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال: كان من أهل الكتاب قوم