فنصف في الصبر، ونصف في الشكر» ثم تلا هذه الآية:{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ}.
٤ - لقد تعرض بنو إسرائيل في زمن فرعون للحالتين: المحنة والنعمة، ولكنهم لم يقدروا النعمة ولم يشكروها، ولم يصبروا عند المحنة، وذلك ملحوظ من نصح موسى عليه السلام لهم حينما رأى أمارات الكفر والعناد فيهم.
٥ - إن شكر النعمة سبب لزيادتها، وكفرانها سبب لزوالها، فالآية نص واضح في أن الشكر سبب المزيد، وأن جحود النعمة سبب النقص والزوال، فمن اشتغل بشكر نعم الله، زاده الله من نعمه، ومن كفر بنعمة الله فهو جاهل، والجهل بالله سبب لأعظم أنواع العقاب والعذاب، فالمراد بقوله:{وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ} الكفران، لا الكفر.
والشكر: هو عبارة عن الاعتراف بنعمة المنعم، مع تعظيمه وتوطين النفس على هذه الطريقة.
والخلاصة: الاشتغال بكفران النعم يوجب العذاب الشديد، وحصول الآفات في الدنيا والآخرة، والاشتغال بشكر النعمة يستوجب زيادتها.
٦ - إن منافع الشكر ومضار الكفران لا تعود الا إلى صاحب الشكر وصاحب الكفران. أما المعبود المشكور فإنه متعال عن أن ينتفع بالشكر أو يستضر بالكفران.
والمراد من قول موسى:{إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ.}. بيان أنه تعالى إنما أمر بهذه الطاعات، لمنافع عائدة إلى العابد، لا لمنافع عائدة إلى المعبود، بدليل قوله:
{فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} أي لا يلحقه بذلك نقص، بل هو الغني، وهو المحمود في جميع الأحوال.