للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أحوالهم وأفعالهم، لا يخفى عليه خافية، والوعيد بأنه معاقبهم على قليله وكثيره لا محالة، أو هو خطاب لكل من توهم غفلته جهلا بصفات الله واغترارا بإمهاله. {إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ} يؤخر عذابهم.

أماكنها، لهول ما ترى، يقال: شخص بصر فلان، أي فتحه فلم يغمضه. {مُهْطِعِينَ} مسرعين إلى الداعي ومقبلين، وأصله الإقبال على الشيء. {مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ} أي رافعيها إلى السماء ناظرة أمامها. {لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} لا يرجع إليهم بصرهم، بل تبقى عيونهم شاخصة لا تطرف.

{وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ} قلوبهم خالية من العقل والفهم لفزعهم، وفرط‍ الحيرة والدهشة.

{وَأَنْذِرِ النّاسَ} خوف يا محمد الكفار. {يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ} هو يوم القيامة، أو يوم الموت، فإنه أول أيام عذابهم. {الَّذِينَ ظَلَمُوا} بالكفر أو الشرك والتكذيب. {رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ} أخر العذاب عنا، وردنا إلى الدنيا، وأمهلنا إلى حد من الزمان قريب، أو أخر آجالنا وأبقنا مقدار ما نؤمن بك، ونجيب دعوتك بالتوحيد. {وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ} الذين أرسلتهم، وهذا وما قبله جواب الأمر، ونظيره: {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصّالِحِينَ} [المنافقين ١٠/ ٦٣].

{أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ} يقال لهم توبيخا، أي حلفتم أنكم باقون في الدنيا لا تزالون بالموت.

{مِنْ قَبْلُ} في الدنيا. {مِنْ زَوالٍ} {مِنْ}: زائدة، أي زوال عن الدنيا إلى الآخرة.

{الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} بالكفر والمعاصي كعاد وثمود. {كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ} من العقوبة وما تشاهدونه في منازلهم من آثار ما نزل بهم، فلم تنزجروا. {وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ} بينا لكم الأمثال في القرآن فلم تعتبروا، وأنكم مثلهم في الكفر والعذاب. {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ} بالنبي صلّى الله عليه وسلّم حيث أرادوا قتله أو تقييده أو إخراجه، وبذلوا فيه غاية جهدهم لإبطال الحق وتقرير الباطل. {وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ} أي علمه أو جزاؤه. {وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ} أي وما كان مكرهم، وإن عظم، معدّا لإزالة الجبال، أي لا يعبأ به ولا يضر إلا أنفسهم، فهم مكروا ليزيلوا ما هو كالجبال الراسية ثباتا وتمكنا، والمراد بالجبال هنا: حقيقتها، وقيل: شرائع الإسلام المشبهة بها في القرار والثبات. ومن قرأ بفتح لام {لِتَزُولَ} ورفع الفعل، فتكون «إن» مخففة، والمراد تعظيم مكرهم، مثل قوله تعالى: {تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا} [مريم ٩٠/ ١٩].

{مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} بالنصر. {عَزِيزٌ} غالب لا يعجزه شيء {ذُو انتِقامٍ} قادر من الانتقام لأوليائه من أعدائه وكل من عصاه. {يَوْمَ تُبَدَّلُ} اذكر ذلك وهو يوم القيامة، فيحشر الناس على أرض بيضاء نقية، كما في حديث الصحيحين. {وَبَرَزُوا} خرجوا من القبور.

{وَتَرَى} تبصر يا محمد. {الْمُجْرِمِينَ} الكافرين. {مُقَرَّنِينَ} أي مشدودين مع بعض أو مع

<<  <  ج: ص:  >  >>