للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم أعمالهم ويعلم بها، وسيجزيهم على ظلمهم في الوقت المناسب، فعقابهم آت لا محالة؛ لأن العلم بالظلم الصادر منهم موجب لعقابهم.

ثم بيّن الله تعالى أنه إنما يؤخر عقاب هؤلاء الظالمين ليوم موصوف بالصفات التالية:

١ - أنه تشخص فيه الأبصار، أي أنه يمهلهم ويؤخرهم ليوم شديد الهول، ومن شدة أهواله تظل الأبصار فيه مفتوحة لا تطرف ولا تغمض، من شدة الفزع والحيرة والدهشة. ثم وصف كيفية قيامهم من قبورهم وعجلتهم إلى قيام المحشر، فقال:

٢ - {مُهْطِعِينَ} أي أنهم يأتون من قبورهم إلى المحشر مسرعين بالذل والمهانة، كما قال تعالى: {مُهْطِعِينَ إِلَى الدّاعِ} [القمر ٨/ ٥٤] وقال سبحانه:

{يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ، وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ، فَلا تَسْمَعُ إِلاّ هَمْساً} إلى قوله: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ.}. [طه ١٠٨/ ٢٠ - ١١١] وقال عز وجل: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً.}. [المعارج ٤٣/ ٧٠].

٣ - {مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ} أي رافعي رؤوسهم، ينظرون في ذل وخشوع، ولا يلتفتون إلى شيء.

٤ - {لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} أي لا يرجع إليهم تحريك أجفانهم، بل تظل أبصارهم شاخصة مفتوحة تديم النظر، لا يطرفون ولا يغمضون، لكثرة ما هم فيه من شدة الهول والفزع، والمراد من هذه الصفة دوام الشخوص.

٥ - {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ} أي وقلوبهم خاوية خالية لا شيء فيها من القوة، مضطربة، لكثرة الخوف. والمراد أن قلوب الكفار خالية من الخواطر؛ لعظم الحيرة، ومن كل رجاء وأمل؛ لما تحققوه من العقاب، وخالية من كل سرور؛ لكثرة الحزن.

<<  <  ج: ص:  >  >>