{فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ.}. أي فعاقبناهم جزاء كفرهم ومعاصيهم، عاقبنا أهل الأيكة بيوم الظلة: وهو إصابتهم بحر شديد سبعة أيام، لا ظل فيه، ثم أرسلت عليهم سحابة، فجلسوا تحتها، فأرسل الله عليهم نارا فأحرقتهم. وعاقبنا أهل مدين بالصيحة.
{وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ} أي وإن كلا من قرى قوم لوط وبقعة أصحاب الأيكة لبطريق واضح يسلكه الناس في سفرهم من الحجاز إلى الشام. والإمام:
ما يؤتم به، وجعل الطريق إماما لأنه يؤمّ ويتّبع حتى يصل إلى الموضع الذي يريده.
ثم ذكر تعالى قصة أصحاب الحجر وهم ثمود، فقال:{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ.}. أي ولقد كذبت ثمود صالحا نبيهم عليه السلام، ومن كذب رسولا فقد كذب بجميع المرسلين، لاتفاق أصول دعوتهم في التوحيد وعبادة الله وأمهات الفضائل، ولهذا أطلق عليهم تكذيب المرسلين.
{وَآتَيْناهُمْ آياتِنا.}. أي وآتيناهم وأعطيناهم من الآيات والدلائل ما يدلهم على صدق نبوة صالح عليه السلام، كالناقة التي أخرجها الله من صخرة صماء بدعاء صالح، فأعرضوا عنها وعقروها ولم يعتبروا بها، فكانت تسرح في بلادهم، لها شرب يوم من نهر صغير ولهم شرب يوم آخر، ولبنها كثير كان يكفي القبيلة.
{وَكانُوا يَنْحِتُونَ.}. أي وكانت لهم بيوت نحتوها في الجبال وأصبحوا بها آمنين من الأعداء، من غير خوف، لقوة إحكامها، وهي ما تزال مشاهدة بوادي الحجر الذي مرّ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو ذاهب إلى تبوك، فقنّع رأسه، وأسرع دابته،
وقال لأصحابه-فيما رواه البخاري وغيره عن ابن عمر-: «لا تدخلوا بيوت القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تبكوا فتباكوا، خشية أن يصيبكم ما أصابهم».