النباتات، ذكر خامسا الاستدلال على وجود الصانع بعجائب أحوال العناصر، مبتدئا بعنصر الماء، فقال:
{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ.}. أي والله تعالى يمتن على عباده أيضا بتذليله البحر لهم، وتيسيره للركوب فيه، وإباحته السّمك حيّا وميتا، في الحلّ والإحرام، وخلقه اللآلئ والجواهر النفيسة فيه، وتيسير استخراج العباد له من قراره، حلية يلبسونها، وكذا الاستفادة من المرجان الذي ينبت في قيعانه:
{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ}[الرحمن ٢٢/ ٥٥]، وتسخيره البحر لحمل السفن التي تمخره، أي تشقه وتجتازه في بلد إلى آخر، ولتبتغوا من فضله، أي ولتطلبوا فضل الله ورزقه بالتجارة فيه، ولتشكروا نعمه وإحسانه عليكم بما يسّره لكم في البحار.
وفي وصف اللحم بالطراوة بيان قدرة الله في إخراج العذب من المالح، ويدل أيضا على أنه يطلب أكله بسرعة؛ لأنه يتسارع إليه الفساد.
ثم ذكر الله تعالى بعض النعم التي خلقها في الأرض فقال:{وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ.}. وهي نعم ثلاث:
الأولى-تثبيت الأرض بالجبال الرواسي، أي الثوابت لتقرّ ولا تضطرب أثناء دورانها بما عليها من كائنات حيّة، كما قال تعالى:{وَالْجِبالَ أَرْساها}[النازعات ٣٢/ ٧٩].
الثانية-إجراء الأنهار على وجه الأرض، ففيها حياة الأنفس والنبات والحيوان. وذكرها بعد الجبال؛ لأن أكثر الأنهار إنما تتفجر منابعها من الجبال.
وتلك الأنهار كثيرة في العالم، منها القصير والغزير والطويل ومنها غير ذلك، وتتجه يمينا أو يسارا، أو جنوبا أو شمالا، أو شرقا أو غربا. والأودية التي تحدث أحيانا ترفد تلك الأنهار.