للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاشتغال بعبادة غير الله باطل وخطأ، بيّن بهذه الآية: {وَإِنْ تَعُدُّوا} أن العبد لا يمكنه الإتيان بعبادة الله وشكر نعمه على وجه أتم.

وبعد أن أبطل عبادة الأصنام لعجزها عن الخلق والإنعام، أبطل عبادتها بوجه آخر وهو كونها جمادات لا تعلم شيئا، فقال: {وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ.}.

أي والله يعلم الضمائر والسرائر، كما يعلم الظواهر، وسيجزي كل عامل بعمله يوم القيامة، إن خيرا فخير، وإن شرّا فشرّ، فهو عالم الغيب والشّهادة، والظّاهر والباطن.

ثم وصف تعالى الأصنام بما يجردها عن أهلية العبادة، ليدلّ على غباء المشركين صراحة، فقال ذاكرا ثلاثة أوصاف:

١ - {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ.}. أي إن الأوثان والأصنام لا يخلقون شيئا، بل هي مخلوقة، كما قال تعالى: {أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ؟ وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ}؟ [الصافات ٩٥/ ٣٧ - ٩٦].

٢ - {أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ} أي هي جمادات لا أرواح فيها ولا حياة لها أصلا، فلا تسمع ولا تبصر ولا تعقل، فلا تفيدكم شيئا.

فقوله تعالى: {غَيْرُ أَحْياءٍ} لبيان أنه لا يعقب موتها حياة، وذلك أعرق في موتها، فهي ليست كبعض المواد التي يمكن طروء الحياة عليها، كالنّطف التي ينشئها الله حيوانا، وأجساد الحيوان التي تبعث بعد موتها.

أما الإله فهو الحيّ الذي لا يطرأ عليه موت أصلا، فبان الفرق بينهما وهو أن الإله دائم الحياة، والأصنام دائمة الموت.

٣ - {وَما يَشْعُرُونَ أَيّانَ يُبْعَثُونَ} أي وتلك الأصنام لا يدرون متى يبعث عبدتها ومتى تقوم الساعة؟ فكيف يرتجى عند هذه نفع أو ثواب أو جزاء؟ إنما

<<  <  ج: ص:  >  >>