للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محض الوعيد ولم يجب عن شبهتهم؛ لأنه تعالى بيّن كون القرآن الكريم معجزا بطريقين:

الأول-أنه صلّى الله عليه وسلّم تحدّاهم بكل القرآن، أو بعشر سور، أو بسورة واحدة، أو بحديث واحد، وعجزوا عن المعارضة، وذلك يدلّ على كونه معجزا.

الثاني-أنه تعالى حكى هذه الشبهة بعينها في آية أخرى وهي: {اِكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} وأبطلها بقوله تعالى: {قُلْ: أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي أن القرآن مشتمل على الإخبار عن المغيبات، وهذا لا يكون إلا من العالم بأسرار السموات والأرض (١).

فهم يتحملون نتيجة آثامهم وذنوبهم تحمّلا كاملا، لا ينقص منه شيء لنكبة أصابتهم في الدّنيا بكفرهم، كما أنهم يتحمّلون مثل أوزار تابعيهم، وذلك بسبب كفرهم وإضلالهم غيرهم، جهلا منهم بما يلزمهم من الآثام، إذ لو علموا لما أضلّوا، فبئس الوزر الذي يحملونه.

وعقابهم في الدّنيا يشبه عقاب عمالقة الكفر الذين تقدموهم مثل النّمروذ بن كنعان وقومه، أرادوا صعود السّماء وقتال أهله، فبنوا الصرح ليصعدوا منه، فخرّ عليهم، إما بزلزلة أو ريح، فخرّبته. وكان عقابهم إبطال مكرهم وتدبيرهم وإهلاكهم عن بكرة أبيهم.

وعقابهم أيضا في الآخرة هو الذّلّ والهوان والفضيحة بالعذاب الأليم بسبب كفرهم، مع التقريع والتوبيخ والاستهزاء بهم، وبيان عدم وجود الشركاء لله تعالى أصلا.

وكل من العقابين لاستمرارهم على الكفر إلى حين الموت، فإذا أقرّوا حينئذ


(١) تفسير الرّازي: ١٩/ ٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>