للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزكاة عليها، دل على أنه لم يرد الزكاة بالصدقة المذكورة قبلها (١).

وكذلك ابن العربي قال: ليس في المال حق سوى الزكاة، وقد كان الشعبي فيما يؤثر عنه يقول: في المال حق سوى الزكاة، ويحتج

بحديث يرويه الدارقطني عن فاطمة بنت قيس أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «في المال حق سوى الزكاة» وهذا ضعيف لا يثبت عن الشعبي، ولا عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم (٢)، وليس في المال حق سوى الزكاة، وإذا وقع أداء الزكاة، ونزلت بعد ذلك حاجة، فإنه يجب صرف المال إليها باتفاق العلماء. أي أن المراد بقوله: {وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ} إيتاء المال تطوعا، والمراد بقوله {وَآتَى الزَّكاةَ} إيتاء الزكاة المفروضة.

وقد قال مالك: يجب على كافة المسلمين فداء أسراهم، وإن استغرق ذلك أموالهم، وكذا إذا منع الوالي الزكاة، فهل يجب على الأغنياء إغناء الفقراء؟ مسألة نظر، أصحها عندي وجوب ذلك عليهم (٣).

وقال القرطبي: استدل بالآية: {وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ} من قال: إن في المال حقا سوى الزكاة، وبها كمال البر، وقيل: المراد الزكاة المفروضة، والأول أصح،

للحديث المتقدم: «إن في المال حقا سوى الزكاة». والحديث وإن كان فيه مقال، فقد دل على صحته معنى ما في الآية نفسها من قوله تعالى: {وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ} فذكر الزكاة مع الصلاة، وهو دليل على أن المراد بقوله:

{وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ} ليس الزكاة المفروضة، فإن ذلك كان يكون تكرارا، والله أعلم (٤).


(١) أحكام القرآن: ١٣١/ ١
(٢) وأخرجه أيضا ابن ماجه في سننه، والترمذي وقال: «هذا حديث ليس إسناده بذاك وأبو حمزة ميمون الأعور يضعّف.
(٣) أحكام القرآن لابن العربي: ٥٩/ ١ - ٦٠.
(٤) تفسير القرطبي: ٢٤١/ ٢ - ٢٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>