وكذب الحق، كعاد وثمود، كيف أهلكهم الله بذنوبهم:{دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها}[محمد ١٠/ ٤٧] فانظروا كيف كان مصير المكذبين رسلهم، لتعتبروا بعاقبتهم.
ثم خصص الله الخطاب برسوله مسليا له عما يقابله قومه من جحود فقال:
{إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ.}. أي إن تحرص يا محمد على هداية قومك، فلا ينفعهم حرصك إذا كان الله قد أراد إضلالهم بسوء اختيارهم، كما قال سبحانه:{وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً}[المائدة ٤١/ ٥] وقال تعالى حكاية لقول نوح لقومه: {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ، إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ، هُوَ رَبُّكُمْ}[هود ٣٤/ ١١] وقال عزّ وجلّ لرسوله صلّى الله عليه وسلّم:
{وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ} أي وليس لمن اختاروا الضلالة ناصرون ينقذونهم من عذاب الله وعقابه؛ لأن أساس الحساب على الإيمان والكفر الاختيار، لا الإكراه والإلجاء.
ثم ذكر تعالى الشبهة الرابعة لمنكري النبوة، فقالوا: اعتقاد البعث والحشر والنشر باطل، فكان القول بالنبوة باطلا، وذلك في قوله تعالى:{وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ.}. أي حلف المشركون، واجتهدوا في الحلف، وأغلظوا الأيمان على أنه لا يبعث الله من يموت، أي أنهم استبعدوا البعث، وكذبوا الرسل في إخبارهم إياهم به؛ لأن الميت يفنى ويزول.
فرد الله تعالى عليهم بقوله: بلى سيكون ذلك، ووعد به وعدا حقا لا بد منه، ولكن أكثر الناس لجهلهم بقدرة الله خالفوا الرسل ووقعوا في الكفر.
وحكمة الله في المعاد هي {لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ} أي ليبين للناس الحق فيما يختلفون فيه من كل شيء، ويقيم العدل المطلق فيميز الخبيث من