ومن جليل نعمه تعالى على عباده أمور أخرى منها:{وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} أي والله جعل لكم أيها العبيد المخلوقون لله أزواجا من جنسكم وشكلكم لتحقيق الأنس والانسجام والائتلاف وقضاء المصالح، ولو جعل الأزواج من نوع آخر ما حصل الائتلاف والمودة والرحمة، فمن رحمته جعل الذكور والإناث من جنس واحد.
ثم ذكر تعالى أنه جعل من الأزواج البنين والحفدة، أي أولاد البنين.
{وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ} أي ورزقكم من طيبات الرزق التي تستطيبونها في الدنيا، من مطعم ومشرب وملبس ومسكن ومركب.
{أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ}؟ أي أيصدقون بالباطل وهو أن الأصنام شركاء لله في النفع والضرر، وأنها تشفع عنده، وأن الطيبات التي أحلها الله لهم كالبحيرة والسائبة والوصيلة هي حرام عليهم، وأن المحرمات التي حرمها الله عليهم كالميتة والدم ولحم الخنزير وما ذبح على النّصب هي حلال لهم؟ وهذا توبيخ وتأنيب لهم على تلك الأحكام الباطلة، وعلى إنعام الله في تحليل الطيبات، وتحريم الخبيثات.
{وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} أي ويجحدون بهذه النعم الجليلة، فينسبونها إلى غير الخالق من صنم أو وثن؟! ويسترون نعم الله عليهم.
جاء في الحديث الصحيح:«إن الله يقول للعبد يوم القيامة ممتنا عليه: ألم أزوجك؟ ألم أكرمك؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟».
ثم أخبر الله تعالى عن المشركين الذين عبدوا معه غيره، مع أنه هو المنعم المتفضل الخالق الرازق وحده لا شريك له، ومع هذا يعبدون من دونه من الأصنام والأنداد والأوثان ما لا يملك لهم رزقا من السموات والأرض شيئا، فقال: