وأنواع التكاليف المفروضة والنوافل، وهي العدل والإحسان والوفاء بالعهود.
أما آية {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} فهي-كما قال ابن مسعود-أجمع آية في القرآن للخير والشر، وسأذكر الحديث كله. وقال عنها قتادة: ليس من خلق حسن كان أهل الجاهلية يعملون به، ويستحسنوه، إلا أمر الله به، وليس من خلق سيء كانوا يتعايرونه بينهم إلا نهى الله عنه وقدّم فيه، وإنما نهى عن سفاسف الأخلاق ومذامّها. ولهذا
جاء في الحديث الذي أخرجه الطبراني وأبو نعيم والحاكم والبيهقي عن سهل بن سعد:«إن الله يحب معالي الأخلاق، ويكره سفسافها».
وقال الحافظ أبو يعلى في كتاب معرفة الصحابة عن علي بن عبد الملك بن عمير عن أبيه، قال: بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأراد أن يأتيه، فأبى قومه أن يدعوه، وقالوا: أنت كبيرنا، لم تكن لتخفّ إليه، قال: فليأته من يبلّغه عني ويبلّغني عنه، فانتدب رجلان، فأتيا النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالا له: نحن رسل أكثم بن صيفي، وهو يسألك من أنت، وما أنت؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: أما من أنا؟ فأنا محمد بن عبد الله، وأما ما أنا فأنا عبد الله ورسوله.
قال: ثم تلا عليهم هذه الآية: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ} الآية.
قالوا: ردّد علينا هذا القول، فردده عليهم حتى حفظوه، فأتيا أكثم، فقالا: أبى أن يرفع نسبه، فسألنا عن نسبه، فوجدناه زاكي النسب، وسطا في مضر-أي شريفا-وقد رمى إلينا بكلمات قد سمعناها، فلما سمعهن أكثم قال: إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق، وينهى عن ملائمها-مساوئها-، فكونوا في هذا الأمر رؤساء، ولا تكونوا فيه أذنابا (١).
وقد ورد في نزولها حديث حسن طويل رواه الإمام أحمد، مفاده أنها كانت سببا في إسلام عثمان بن مظعون، وموجزه: أن عثمان بن مظعون كان جليس