للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَتُسْئَلُنَّ عَمّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي ثم يسألكم يوم القيامة سؤال حساب وجزاء، لا سؤال استفهام، عن جميع أعمالكم، فيجازيكم عليها خيرا أو شرّا.

ونظير الآية كثير في القرآن، مثل: {وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً} [يونس ٩٩/ ١٠]، ومثل: {وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمَّةً واحِدَةً، وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ، وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود ١١٨/ ١١ - ١١٩].

وبعد أن حذّر الله تعالى في الآية الأولى عن نقض العهود والأيمان على الإطلاق، حذّر في قوله: {وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ} عن نقض أيمان مخصوصة أقدموا عليها، وهي أيمان البيعة للنّبي صلّى الله عليه وسلّم على الإسلام.

والمعنى: يحذر الله تعالى عباده وينهاهم عن اتّخاذ الأيمان دخلا، أي خديعة ومكرا، تغرون بها الناس، لئلا تزل قدم في الضّلال بعد ثبوتها على الاستقامة والإيمان. وهذا مثل لمن كان على الاستقامة، فحاد عنها، وزلّ عن طريق الهدى، بأيمان حانثة مشتملة على الصّدّ عن سبيل الله؛ لأن الكافر إذا رأى المؤمن قد عاهده، ثم غدر به، لم يعد يثق بالدّين، فانصدّ بسبب الغدر عن الدّخول في الإسلام.

{وَتَذُوقُوا السُّوءَ.}. أي وتذوقوا العذاب السّيء الشديد وهو القتل والأسر في الدنيا، بسبب صدّكم عن سبيل الله؛ لأن الدخول في الدّين، ثم الخروج منه، مشجع للآخرين بالبعد عن الإسلام.

{وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ} أي ولكم عقاب شديد في الآخرة، جزاء المخالفة والانضمام لفئة الأشقياء الضّالين.

أي إنكم إن نقضتم العهد وقعتم في مفاسد ثلاثة:

<<  <  ج: ص:  >  >>