ثم ذكر الله تعالى سبب سخطه على المرتد، فقال:{ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا.}. أي ذلك الجزاء والغضب من الله والعذاب العظيم من أجل أنهم آثروا الدنيا على الآخرة.
{وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي.}. أي وأن الله لا يوفق المصرّين على الكفر، الذين أمعنوا في إنكار توحيد الله ونبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم.
{أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ.}. أولئك الذين ارتدوا أو كفروا بعد إيمانهم هم الذين ختم الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم، فلا يؤمنون ولا يسمعون كلام الله ولا يبصرون البراهين والأدلة إبصار تبصر، وأولئك هم الكاملون في الغفلة الذين لا أحد أغفل منهم؛ لأن الغفلة عن تدبر العواقب هي غاية الغفلة ومنتهاها.
{لا جَرَمَ أَنَّهُمْ.}. أي حقا أو لا بد أنهم هم الهالكون في الآخرة، الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة.
هؤلاء المرتدون الخاسرون حكم الله عليهم بستة أحكام هي:
١ - أنهم استوجبوا غضب الله.
٢ - أنهم استحقوا العذاب الأليم.
٣ - أنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة.
٤ - أنه تعالى حرمهم من الهداية للطريق القويم.
٥ - أنه تعالى طبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم.
٦ - أنه جعلهم من الغافلين عما يراد بهم من العذاب الشديد يوم القيامة.
ثم ذكر الله تعالى حكم المستضعفين في مكة، فقال:{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا.}. أي ثم إن ربك يا محمد للذين هاجروا من ديارهم في مكة بعد ما حاول المشركون فتنهم عن دينهم، وجاهدوا المشركين بعدئذ في المعارك، وصبروا