للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هـ‍ -وأما بيع المكره والمضطر فله حالتان:

الأولى-أن يبيع ماله في حق وجب عليه: فذلك نافذ لازم لا رجوع فيه؛ لأنه يلزمه أداء الحق إلى صاحبه من غير المبيع، فلما لم يفعل ذلك، كان بيعه اختيارا منه، فلزمه.

الثانية-بيع المكره ظلما أو قهرا: فهو بيع غير لازم، وهو أولى بمتاعه، يأخذه بلا ثمن، ويتبع المشتري بالثمن ذلك الظالم؛ فإن تلف المتاع رجع بثمنه أو بقيمته بالأكثر من ذلك، على الظالم إذا كان المشتري غير عالم بظلمه.

و-للإكراه مراتب:

الأولى-أن يجب الفعل المكره عليه، مثل الإكراه على شرب الخمر وأكل الخنزير وأكل الميتة، هنا يجب الأكل؛ لأن صون الروح عن الهلاك واجب؛ لقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة ١٩٥/ ٢].

الثانية-أن يصير ذلك الفعل مباحا لا واجبا، كالإكراه على التلفظ‍ بكلمة الكفر، يباح ولا يجب.

الثالثة-ألا يجب ولا يباح بل يحرم، كالإكراه على قتل إنسان أو قطع عضو آخر، يبقى الفعل على الحرمة الأصلية. أما القصاص فيسقط‍ في رأي، ويجب في رأي آخر (١).

قال القرطبي: أجمع العلماء على أن من أكره على قتل غيره أنه لا يجوز له الإقدام على قتله، ولا انتهاك حرمته بجلد أو غيره، ويصبر على البلاء الذي نزل به، ولا يحل له أن يفدي نفسه بغيره، ويسأل الله العافية في الدنيا والآخرة (٢).


(١) تفسير الرازي: ١٢٢/ ٢٠
(٢) تفسير القرطبي: ١٨٣/ ١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>