غيرها، ومن احتاج منهم إلى مناظرة وجدال، فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب، واصفح عمن أساء في القول، وترفّق بهم في الخطاب، وقابل السوء بالحسنى، واقصد من الجدال الوصول إلى الحق، دون رفع الصوت، وسب الخصم أو الأذى، كما قال تعالى:{وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} الآية [العنكبوت ٤٦/ ٢٩].
فهذا أمر للنبي صلّى الله عليه وسلّم بلين الجانب ولطف الخطاب، كما أمر به موسى وهارون عليهما السلام حين بعثهما إلى فرعون في قوله:{فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً، لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى}[طه ٤٤/ ٢٠] فعلى كل داعية امتثال هذا الأمر الإلهي في دعوته.
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} أي قد علم الله الشقيّ منهم والسعيد، ومن حاد عن منهج الحق، ومن اهتدى إليه، وهو مجازيهم على ضلالهم واهتدائهم حين لقاء ربهم، فله الجزاء، لا إليك يا محمد ولا إلى غيرك، وليس عليك هداهم، إنما عليك البلاغ، وعلينا الحساب، كما قال تعالى:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ، وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ}[القصص ٥٦/ ٢٨] وقال:
ما رواه أبو أمامة: أن غلاما شابا أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا نبي الله، أتأذن لي في الزنى؟ فصاح الناس به، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: قربوه إذن، فدنا حتى جلس بين يديه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: أتحبه لأمك؟ قال: لا، جعلني الله فداك. قال: وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم، أتحبّه لابنتك؟ قال: لا، جعلني الله فداك، قال: وكذلك الناس لا يحبونه لبناتهم، أتحبّه لأختك؟ قال: لا، جعلني الله فداك، قال: كذلك الناس لا يحبّونه لأخواتهم.