وأبصر أو نظر إلى ما لا يحل له النظر إليه، وعزم على مالا يحل العزم عليه، كان مسئولا عنه، معاقبا عليه؛ لأن أدوات المعرفة هذه ينبغي استعمالها في الطاعة لا في المعصية. وقال تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ، إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}[الحجرات ١٢/ ٤٩]
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم فيما رواه الشيخان عن أبي هريرة:«إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث».
بل إن هذه الأدوات تسأل عن صاحبها بأن يخلق الله فيها الحياة، ثم تشهد على الإنسان، بدليل قوله تعالى:{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ}[النور ٢٤/ ٢٤].
قال ابن عباس: لا تشهد إلا بما رأت عيناك، وسمعته أذناك، ووعاه قلبك. وقال قتادة: لا تقل: سمعت ولم تسمع، ولا رأيت ولم تر، ولا علمت ولم تعلم.
النوع الثاني عشر-تحريم التكبر والخيلاء:{وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً..}. هذا هو الأمر الثاني المنهي عنه هنا، وهو تحريم الكبر والتجبر والتبختر في المشية، والمعنى: ولا تمش في الأرض مرحا أي متبخترا متمايلا مشي الجبارين، فذلك المشي يدل على الكبرياء والعظمة، إنك لن تخرق الأرض أي تنقبها أو تقطعها بمشيك إذا سرت عليها، ولن تبلغ الجبال طولا، أي لن تصل بتطاولك وتمايلك وفخرك وإعجابك بنفسك إلى قمم الجبال، وهذا تهكم بالمتكبر والمختال.
بل قد يجازى فاعل ذلك بنقيض قصده، كما
ثبت في صحيح مسلم:«بينما رجل يمشي فيمن كان قبلكم، وعليه بردان يتبختر فيهما، إذ خسف به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة» وأخبر الله تعالى عن قارون أنه خرج على