الصالح، كما قال تعالى:{فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ، فَيَقُولُ: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ}[الحاقة ١٩/ ٦٩].
{وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً} أي ولا ينقصون من ثوابهم أدنى شيء، والفتيل:
هو الخيط المستطيل في شق النواة، ونحو الآية:{وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً}[مريم ٦٠/ ١٩] وآية {فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً}[طه ١١٢/ ٢٠].
أخرج الترمذي والحافظ أبو بكر البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في قول الله تعالى:{يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ} قال: «يدعى أحدهم، فيعطى كتابه بيمينه، ويمدّ له في جسمه، ويبيّض وجهه، ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤة يتلألأ، فينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد، فيقولون:
اللهم أتنا بهذا، وبارك لنا في هذا، فيأتيهم فيقول لهم: أبشروا، فإن لكل رجل منكم مثل هذا. وأما الكافر فيسودّ وجهه، ويمدّ له في جسمه، ويراه أصحابه فيقولون: نعوذ بالله من هذا أو من شر هذا، اللهم لا تأتنا به، فيأتيهم فيقولون: اللهم أخزه، فيقول: أبعدكم الله، فإن لكل رجل منكم مثل هذا».
وعاقبة الحساب معروفة في الدنيا قبل الآخرة، فقال سبحانه:
{وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى، فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} أي ومن كان في الحياة الدنيا أعمى عن حجج الله وبيناته وآياته التي أبانها في الكون، فهو يكون كذلك أعمى في الآخرة، لا يجد طريق النجاة، بل وأضل سبيلا من الأعمى في الدنيا. وليس المراد بالأعمى عمى البصر، بل المراد منه عمى القلب.
والأعمى مستعار لمن لا يهتدي إلى طريق النجاة، أما في الدنيا فلفقد النظر، وأما في الآخرة فلأنه لا ينفعه الاهتداء إليه.