للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدماء المصريين واليونان والرومان والهنود. وفي التوراة الحالية مدح الصيام والصائمين، وثبت أن موسى عليه السلام صام أربعين يوما، واليهود في هذه الأزمنة يصومون أسبوعا تذكارا لخراب أورشليم وأخذها، ويصومون يوما من شهر آب. وكذلك الأناجيل الحالية تمدح الصيام وتعتبره عبادة كالنّهي عن الرّياء وإظهار الكآبة فيه، وأشهر صوم النصارى وأقدمه الصوم الكبير الذي قبل عيد الفصح، وهو الذي صامه موسى وعيسى والحواريون، ثم وضع رؤساء الكنيسة أنواعا أخرى من الصيام.

{تَتَّقُونَ} المعاصي، فإن الصوم يكسر الشهوة التي هي مبدأ المعصية، ويورث التقوى، ويقمع الهوى، ويردع عن الأشر والبطر والفواحش، ويهوّن لذات الدنيا. {أَيّاماً مَعْدُوداتٍ} إن كل ما فرض صومه هنا هو رمضان، فيكون قوله: {أَيّاماً مَعْدُوداتٍ} عنى به رمضان، وهو قول ابن أبي ليلى وجمهور المفسرين. ووصفها بقوله {مَعْدُوداتٍ} تسهيلا على المكلف بأن هذه الأيام معدودة.

{يُطِيقُونَهُ} أي يتحملونه بمشقة شديدة وجهد كبير، ويؤيده قراءة: «يطوقونه» مثل الكبير الهرم والحامل والمرضع والمريض مرضا لا يرجى برؤه. {فِدْيَةٌ} الفدية: هي إطعام مسكين عن كل يوم، من أوسط‍ ما يطعم أهله في يومه، أكلة واحدة، وهو مدّ من غالب قوت البلد، وهو يساوي (٦٧٥ غ).

{فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً} بالزيادة على القدر المذكور في الفدية. {فَهُوَ} أي: التطوع خير له. والصوم خير من الإفطار والفدية. {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أنه خير لكم، فافعلوه في تلك الأيام.

{أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} من اللوح المحفوظ‍ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر.

{هُدىً} هاديا من الضلالة. {وَبَيِّناتٍ} آيات واضحات. {مِنَ الْهُدى} مما يهدي إلى الحق من الأحكام، ومن {الْفُرْقانِ} مما يفرق بين الحق والباطل.

{فَمَنْ شَهِدَ} حضر بأن كان مقيما غير مسافر. {الْيُسْرَ} السهولة والتخفيف بإباحة الفطر في المرض والسفر، والمريض وكذا المسافر يختار الأيسر عليه، ويكون هو الأفضل في حقه. وآية {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ.}. تعليل لما قبله، أي يريد فيما شرعه من هذه الرخصة في الصيام، وسائر ما يشرعه لكم من الأحكام، أن يكون دينكم يسرا تاما لا عسر فيه. وفي هذا ترغيب في الرخصة.

{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} اللام للتعليل، وهي معطوفة على التعليل المستفاد من قوله: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} كأنه قال: رخص لكم في حالي المرض والسفر، لأنه يريد بكم اليسر، وأن تكملوا العدة، فمن لم يكملها أداء، لعذر المرض أو السفر، أكملها قضاء بعده، فالله شرع لكم القضاء حال الفطر والسفر. {وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ} عند إكمال العدة. {عَلى ما هَداكُمْ} إليه من الأحكام النافعة لكم، بأن

<<  <  ج: ص:  >  >>