٦ - يجدد البنية، ويقوي الصحة، ويخلص الجسد من الرواسب والتخمرات الضارة، ويريح الأعضاء، ويقوي الذاكرة إذا حزم الإنسان أمره، وتفرغ لعمله الذهني دون أن يشغل نفسه بتذكر المتع الجسدية، ويجمع ذلك كله
قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم-فيما رواه أبو نعيم في الطب عن أبي هريرة-: «صوموا تصحوا».
وهذا يكون بعد الأيام الثلاثة أو الأربعة الأولى عادة، بعد أن يتعود الإنسان على الصوم، ويستعلي على حالات الاسترخاء في الفترة الأولى من بدء الصيام.
وكل هذه الفوائد الجسدية والروحية والصحية والاجتماعية مشروطة بالاعتدال في تناول وجبات الإفطار والسحور، وإلا أصبح الحال عكسيا، وانقلب الأمر وبالا وعناء وضررا إذا أتخم الإنسان معدته، ولم يعتدل في طعامه وشرابه.
وكذلك يشترط في الصوم لتحقيق تلك الغايات عفة اللسان وغضّ البصر والامتناع عن الغيبة والنميمة واللهو الحرام، كما
قال عليه الصلاة والسلام عن الله تعالى:«من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه من أجلي»(١) أي من أجل الله. وربّ صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش. فالإمساك عن المفطرات المعنوية مثل الإمساك عن المفطرات المادية الحسية، سواء بسواء.
والصوم محدود في أيام معدودات معينة قليلة وهي شهر في العام كله، ويمر عادة بنحو سريع، لأن أيام رمضان مباركة تفيض بالخير والإحسان، فهو كما
قال صلّى الله عليه وسلّم-فيما رواه ابن خزيمة عن سلمان-: «أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار»، و
قال أيضا-فيما رواه الطبراني عن ابن مسعود-:
«رمضان سيّد الشهور»، «لو علمت أمتي ما في رمضان من الخير، لتمنت أن يكون السنة كلها» رواه الطبراني وغيره عن أبي مسعود الغفاري.
(١) أخرجه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة.