التصديق والإيمان، ومعرفة حقيقة النبوة؛ إذ لو أرادوا معرفتها بحق لأقنعهم القرآن المعجزة ولكفاهم آية على تصديق هذا النبي.
إنهم طلبوا إحدى آيات ست:
إما تفجير الينابيع (العيون الغزيرة) بكثرة من الأرض-أرض مكة، وإما تملك الرياض والبساتين والحدائق الغناء تجري الأنهار وسطها، وإما إسقاط السماء عليهم قطعا قطعا، كما زعم محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم، يعنون قول الله تعالى:{إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ، أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ}[سبأ ٩/ ٣٤]، وإما الإتيان بالله والملائكة معاينة ومواجهة، كفيلا بما تقول، شاهدا بصحته، وإما أن يكون لك بيت أو قصر من ذهب، وإما الصعود في معارج السماء، ولن نؤمن من أجل رقيك أو صعودك، حتى تنزل علينا كتابا من السماء فيه تصديقك، أي كتابا من الله تعالى إلى كل رجل منا؛ كما قال تعالى:{بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً}[المدثر ٥٢/ ٧٤].
فرد الله عليهم بالجواب الحاسم: قل يا محمد: {سُبْحانَ رَبِّي} أي تنزيها لله عز وجل عن أن يعجز عن شيء، وعن أن يعترض عليه في فعل. وقيل: هذا كله تعجب من فرط كفرهم واقتراحاتهم.
فما أنا إلا بشر رسول أتبع ما يوحى إليّ من ربي، ويفعل الله ما يشاء من هذه الأشياء التي ليست في قدرة البشر، فهل سمعتم أحدا من البشر أتى بهذه الآيات؟! والخلاصة: أن التدبير ليس إلى الناس، وإنما التدبير إلى الله تعالى.