الصلاة في قوله:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ، إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً}[الإسراء ٧٨/ ١٧] لأن كل واحد منهما مرتبط بالآخر؛ لأن الصلاة تشتمل على قراءة وركوع وسجود فهي من جملة أجزائها، فعبّر بالجزء عن الجملة، وبالجملة عن الجزء على عادة العرب في المجاز، وهو كثير.
وقوله سبحانه:{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً} رد على اليهود والنصارى والعرب في قولهم: عزير وعيسى والملائكة ذرية الله سبحانه، فهو تعالى لا والد له ولا صاحبة ولا ولد، وهو واحد لا شريك له في ملكه وعبادته، وليس له ناصر مدافع عنه يجيره من الذل، لم يحالف أحدا، ولا ابتغى نصر أحد.
وهو تعالى يستحق التعظيم التام والإجلال، ويقال: أبلغ لفظة للعرب في معنى التعظيم والإجلال: الله أكبر، أي أنه أكبر من كل شيء،
وكان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا دخل في الصلاة قال: الله أكبر. وقال عمر بن الخطاب:«قول العبد: الله أكبر خير من الدنيا وما فيها».
وهذه الآية {الْحَمْدُ لِلّهِ..}. هي خاتمة التوراة. قال عبد الله بن كعب:
افتتحت التوراة بفاتحة سورة الأنعام، وختمت بخاتمة هذه السورة.
وفي خبر معاذ بن جبل عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم:«أنها آية العز»، كما بينا.
وقال عبد الحميد بن واصل: سمعت عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: «من قرأ:
{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ} الآية، كتب الله له من الأجر مثل الأرض والجبال؛ لأن الله تعالى يقول فيمن زعم أن له ولدا:{تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا}[مريم ٩٠/ ١٩].
وجاء في الخبر أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «أمر رجلا شكا إليه الدّين بأن يقرأ:{قُلِ:}
{ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ} إلى آخر السورة، ثم يقول: توكّلت على الحي الذي لا يموت؛ ثلاث مرات».