{ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً} أي مستقرين في ثوابهم عند الله وهو الجنة إلى الأبد، وخالدين فيه دائما، لا زوال له ولا انقضاء.
{يُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا..}. أي ويحذر الكفار الذين زعموا أن لله ولدا، وهم مشركو العرب الذين قالوا: نحن نعبد الملائكة بنات الله، واليهود الذين اتخذوا عزيرا ابن الله، والنصارى الذين قالوا: المسيح ابن الله.
وإنما خصّ ذكر هؤلاء مع دخولهم في الإنذار العام المتقدم للكافرين، للدلالة على أن أقبح أنواع الكفر والمعصية إثبات الولد لله تعالى.
{ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ} أي ما لهم ولا لآبائهم أي أسلافهم علم ثابت بهذا القول الذي افتروه وهو اتخاذ الولد لله أو الوالد، وإنما هو صادر عن جهل مفرط وتقليد للآباء، ومن تسويل الشيطان. وانتفاء العلم بالشيء: إما للجهل بالطريق الموصل إليه، وإما لأنه في نفسه محال لا يصلح محلا للعلم به.
{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ} أي عظمت تلك الكلمة التي ينطقون بها، ويخرجونها من أفواههم متجرئين على النطق بها، وهي كلمة الكفر، فليس لها مستند سوى قولهم، ولا دليل لهم عليها إلا كذبهم وافتراؤهم، ولهذا قال:
{إِنْ يَقُولُونَ إِلاّ كَذِباً} أي ما يقولون إلا قولا مجرد كذب وزور، ولا حقيقة له أصلا.
ثم سرّى الله تعالى عن رسوله عليه الصلاة والسلام وواساه في حزنه على المشركين لتركهم الإيمان وبعدهم عنه بقوله:
{فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ.}. أي فلعلك قاتل نفسك ومهلكها لأن لم يؤمنوا بهذا القرآن، أسفا وحسرة عليهم، ولعل هنا للاستفهام الإنكاري المتضمن معنى النهي، أي لا تهلك نفسك أسفا لعدم إيمانهم، ولا تقتلها غضبا