أخرج الإمام أحمد والبخاري ومسلم عن زينب بنت جحش زوج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قالت: استيقظ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من نومه، وهو محمر وجهه، وهو يقول:«لا إله إلا الله، ويل للعرب من شرّ قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا، وحلّق، قلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث».
وقد اتسعت الحلقة حتى كبرت في منتصف القرن السابع الهجري، بخروج التتر والمغول، واجتياح البلاد الإسلامية، وتدمير صرح الخلافة الإسلامية وإسقاطها في بغداد سنة ٦٥٦ هـ -، كما حكى القرآن في قوله تعالى:
{وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ، وَنُفِخَ فِي الصُّورِ، فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً} أي وتركنا بعض الناس يوم خروج يأجوج ومأجوج يضطرب ويختلط مع بعض آخر، فيكثر القتل، وتفسد الزروع، وتتلف الأموال، كما أخبر تعالى في آية أخرى:{حَتّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ}[الأنبياء ٩٦/ ٢١]. وذلك كله قبل قيام القيامة وقبل النفخ في الصور بزمن غير معلوم لنا. ويرى مفسرون آخرون أن معنى الآية: أنهم يضطربون ويختلطون كموج البحر يوم القيامة، في أول أيامها. ورجح القرطبي القول بأنه تركنا يأجوج ومأجوج وقت كمال السد يموج بعضهم في بعض.
وإذا اقترب موعد القيامة نفخ في الصور، وهي النفخة الثانية، وجمعنا الناس جمعا بأن أحييناهم بعد تلاشي أبدانهم وصيرورتها ترابا، وأحضرناهم إلى المحشر والحساب جميعا، كما في آيات أخرى، منها:{قُلْ: إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}[الواقعة ٤٩/ ٥٦ - ٥٠] ومنها:
{وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً}[الكهف ٤٧/ ١٨]. والصور كما
جاء في الحديث الثابت: قرن ينفخ فيه، والذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام.