ويتنازعون ويختلفون في عيسى عليه السلام:{وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً}[النساء ١٥٦/ ٤].
ثم نفى الله تعالى عنه أنه ولد له، فقال:
{ما كانَ لِلّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ، إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ} أي ما صح ولا استقام ولا ينبغي ولا يليق بالله أن يتخذ ولدا؛ إذ لا حاجة له به، وهو حيّ أبدا لا يموت، تنزه وتقدس الله عن مقالتهم هذه، وعن كل نقص من اتخاذ الولد وغيره، إنه إذا أراد شيئا أوجده فورا، فإنه يأمر به فيصير كما يشاء، فمن كان هذا شأنه كيف يتوهم أن يكون له ولد؟ لأن ذلك من أمارات النقص والحاجة:{يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ، وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ..}. [النساء ١٧١/ ٤].
{وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ} أي ومما أمر به عيسى قومه وهو في مهده أن أخبرهم بقوله: {إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ}.
ثم أمرهم بعبادة الله قائلا:
{فَاعْبُدُوهُ، هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ} أي فاعبدوا الله وحده لا شريك له، وهذا الذي جئتكم به عن الله هو الطريق القويم الذي لا اعوجاج فيه، ولا يضلّ سالكه، من اتبعه رشد وهدي، ومن خالفه ضلّ وغوى.
جاء في الآية (١٠) من الإصحاح الرابع في إنجيل متى: «قال له يسوع:
اذهب يا شيطان؛ لأنه مكتوب: للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد».
وبما أنه لا يصحّ أن يقول الله:{وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ} فلا بدّ وأن يكون قائل هذا غير الله تعالى؟ قال أبو مسلم الأصفهاني: الواو في {وَإِنَّ اللهَ} عطف على قول عيسى عليه السلام: {إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ} كأنه قال: إني عبد الله، وإنه ربي وربكم فاعبدوه.