للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي هي كلام الله من غير فصل، وهو جائز إذا كانت القرينة ظاهرة، مثل عطف آية {وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ} [مريم ٣٦/ ١٩] التي هي كلام غير الله، على قوله: {إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة ١١٧/ ٢ وآل عمران ٤٧/ ٣] الذي هو كلام الله.

ومعنى الآية: بعد أن استبطأ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نزول جبريل عليه، أمر الله جبريل أن يقول: وما نتنزل نحن الملائكة بالوحي على الأنبياء والرسل إلا بأمر الله بالتنزيل على وفق الحكمة والمصلحة وخير العباد في الدنيا والآخرة.

إن لله تعالى التدبير والتصرف وأمر الدنيا والآخرة وما بين ذلك من الجهات والأماكن والأزمنة الماضية والحاضرة والمستقبلة، فلا نقدم على أمر إلا بإذنه.

وقوله: {وَما نَتَنَزَّلُ إِلاّ بِأَمْرِ رَبِّكَ} خطاب جماعة لواحد، وذلك لا يليق إلا بالملائكة الذين ينزلون على الرسول. والتنزل هنا: النزول على مهل، أي أن نزول الملائكة وقتا بعد وقت لا يكون إلا بأمر الله تعالى.

وما نسيك ربك يا محمد، وإن تأخر عنك الوحي، ولا ينسى شيئا، ولا يغفل عن شيء، وإنما يقدّم ويؤخّر لما يراه من الحكمة، وهذه الآية كقوله تعالى: {وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى، ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى} [الضحى ١/ ٩٣ - ٣].

روى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني عن أبي الدرداء مرفوعا قال: «ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرّمه فهو حرام، وما سكت عنه فهو عافية، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا» ثم تلا هذه الآية: {وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}.

والدليل على ذلك قوله سبحانه:

{رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ، هَلْ تَعْلَمُ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>